الأمم المتحدة: جهود المحاسبة تتقدم في سوريا رغم فجوة التمويل
الأمم المتحدة: جهود المحاسبة تتقدم في سوريا رغم فجوة التمويل
أكد رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطِرة في سوريا، روبرت بيتي، أن تحقيق العدالة لم يعد مجرد هدف نظري أو شعار سياسي بعيد المنال، بل أصبح فرصة ملموسة، وذلك في كلمة ألقاها الثلاثاء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة استعرض فيها أحدث تطورات عمل الآلية.
ووصف بيتي الأحداث التي شهدتها سوريا في الثامن من ديسمبر 2024 بأنها "لحظة مفصلية" أنهت أكثر من 13 عامًا من الحرب وقرابة نصف قرن من الحكم الاستبدادي، مستشهدًا بوصف الأمين العام للأمم المتحدة لما حدث بأنه "شعلة أمل" يجب ألا تنطفئ، في إشارة إلى ما قد يُمثّل بداية مسار جديد نحو العدالة والمساءلة، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وكشف بيتي أن فريق الآلية تمكن، بعد ثماني سنوات من التأسيس، من تنفيذ أول زيارة رسمية إلى سوريا في ديسمبر الماضي، حيث بدأ "حوارًا بنّاءً" مع السلطات السورية.
ورحب بالتدابير التي اتُخذت لحماية البيانات وتنظيم الوصول إلى المواقع التي تحتوي على معلومات وأدلة، مؤكدًا أنها قد تسهم في إثبات مسؤولية مرتكبي الجرائم الجسيمة.
دعم للملاحقات القضائية
أوضح بيتي أن الآلية، ورغم ضعف الموارد، أحرزت تقدمًا ملموسًا خلال عام 2024، إذ نفذت 154 نشاطًا لجمع البيانات، ما وسّع مستودع الأدلة لديها إلى 280 تيرابايت من المعلومات الرقمية.
وأسهمت هذه الأدلة في دعم ملاحقات قضائية في عدة دول، وأفضت إلى إصدار مذكرات توقيف بحق عدد من الجناة.
وأشار بيتي إلى أن الآلية تلقت حتى الآن 466 طلبًا من 16 ولاية قضائية حول العالم تتعلق بـ 321 تحقيقًا منفصلاً، كاشفًا عن دورها في دعم التحقيقات الفرنسية التي أدت إلى إصدار مذكرات توقيف بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وشقيقه ماهر، وثمانية مسؤولين آخرين، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
نهج يركز على الضحايا
شدد بيتي على أن الآلية تتبنى نهجًا يضع الضحايا والناجين في قلب عملياتها، قائلاً: "وراء كل وثيقة وشهادة وتحليل، أشخاص كثيرون فُقدوا، وآخرون نجوا، ولكل منهم الحق في العدالة"، وأكد أن العدالة الانتقالية لا يمكن أن تُبنى من الخارج، بل يجب أن يقودها السوريون أنفسهم.
ورغم التقدم الملحوظ، حذر بيتي من فجوة تمويل تبلغ 7.5 مليون دولار لعام 2025، ما يهدد بتباطؤ التحقيقات وتأخير تقديم المساعدة، بل وتعطيل فرص تحقيق العدالة في بعض الملفات، ودعا الدول الأعضاء إلى تقديم تمويل متعدد السنوات يضمن استمرارية العمل وعدم ضياع الزخم المحقق.
اختتم رئيس الآلية كلمته بالتأكيد على أن المساءلة يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من الاستجابة الشاملة للتحديات التي تواجه سوريا، مشيرًا إلى أن بناء مستقبل أكثر عدالة وسلامًا لا يمكن أن يتم دون محاسبة منتهكي القانون الدولي، ودون مشاركة السوريين أنفسهم في تحديد معنى العدالة.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أنشأت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا بقرار صدر في 21 ديسمبر 2016، بهدف جمع وحفظ وتحليل الأدلة بشأن الجرائم الأشد خطورة المرتكبة منذ مارس 2011، تمهيدًا لتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، وتعمل الآلية بشكل مستقل عن مجلس الأمن وتستند إلى دعم طوعي من الدول الأعضاء.